| 0 التعليقات ]

الشرطة بين الأخطاء الصغيرة والأفكار القديمة


الشرطة بين الأخطاء الصغيرة والأفكار القديمة



مقالات

طارق الحريري

منذ 21 ساعة

http://ift.tt/1JkCVNg





بعض أفعال الشرطة السلبية، هل هى عجرفة؟ أم سادية؟ أم موروث تاريخى فى التعامل مع المواطنين؟ أم هو الاستعلاء من واقع السلطة؟ أم افتقاد احترافية فى أمور المهنة؟



فى أحيان كثيرة تكون الأحداث أو الوقائع الصغيرة مؤشرا على أخطاء أو عيوب أخرى كبيرة تعكس جوانب من الخلل الذى يؤدى تراكمه إلى كوارث ومصائب، الجميع فى غنى عنها، مواطنين وشرطة.

فى محطة مترو أنفاق الاستاد دأب طاقم الشرطة المنوط به القيام بعملية التأمين على إغلاق جزئى لمداخل المحطة ليسهلوا على أنفسهم تفتيش حقائب الركاب، ولهذه المحطة أربعة مداخل فقط تغطى ناحيتين فى شارع خضر التونى، مدخلان منها ناحية الاستاد والآخران ناحية شارع الطيران أو مدينة التوفيق. قامت الشرطة فى المحطة أثناء المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ بإغلاق باب من كل اتجاه إمعانا فى السيطرة على المحطة من تسلل أى عناصر إرهابية، ولأن الإرهابيين كانوا يحاولون القيام بأعمال إجرامية للتشويش على المؤتمر الذى حقق نجاحا سياسيا واقتصاديا غير مسبوق وكان أداء الشرطة أيضا فى هذا المؤتمر غير مسبوق بأداء راقٍ وذكى لم يسبب أى إزعاج للوفود المشاركة والشخصيات الدولية، وشتان بين ما فعلته الشرطة فى شرم الشيخ وقتها وشرطة محطة الاستاد التى أزعجت الركاب، ولو طالت لأغلقت المحطة تماما.

بعد انتهاء المؤتمر استمرأت شرطة المحطة الوضع واستمرت فى إغلاق بابين من الأربعة إلى أن جاء شم النسيم فأغلقت بابا ثالثا فلم يعد متاحا للركاب سوى باب واحد، وبعد شم النسيم تم فتح باب آخر، والبابان أو المدخلان المفتوحان من ناحية واحدة هى ناحية الاستاد، علما بأن المحطات الرئيسية فى «العتبة» و«الشهداء» على سبيل المثال ذات الأعداد المضاعفة من الأبواب لم تفعل هذا، ومحطة ذات كثافة عالية من الركاب مثل محطة «البحوث» لم تفعل، بينما محطة الاستاد ذات العدد الأقل من المداخل والأقل بكثير فى عدد الركاب اشترى أفراد الشرطة فيها دماغهم واتبعوا سياسة الإغلاق عمال على بطال وليذهب الركاب إلى الجحيم.

أن يحدث هذا بكل هذه الاستهانة والاستهتار فى تحدٍّ لمشاعر الناس وراحتهم فهذا سلوك غير مقبول، لا سيما أن كل محطات كل من الخطين الأول والثانى وكلها أكثر فى عدد المداخل وروادها أضعاف مضاعفة لم يفعل رجال الشرطة فيها ما فعله أقرانهم فى محطة الاستاد. وعندما دار حديث مع فردى شرطة من المسؤولين فى المحطة حول ضرورة فتح الأبواب للتخفيف على الركاب كان الرد أن ما يحدث نتيجة قلة عدد المجندين وأنهم مضطرون إلى الإغلاق حتى يمكن السيطرة على حركة الدخول إلى المحطة، وهذا بالطبع عذر أقبح من ذنب لأن محطات أخرى غير رئيسية مثلها لم تفعل هذا رغم أنها من المؤكد لا تزيد فى القوة عن محطة الاستاد، وبعد تفنيد الحجج المتهافتة قلت لهما من باب التلطيف إن التخلى عن بعض الكسل يمكن أن يحل الموضوع. ويبدو أنهم استكثرا أسلوب الحديث ولفظة «الكسل» فتتبعنى أحدهما بينما كنت متوجها للسلم المتحرك يذكرنى بشهداء الشرطة ومتاعب المهنة، بينما صاح الآخر عن بُعد مناديا زميله بعبارة أصابتنى بالغم والقلق إلى حد الفزع عندما صاح لزميله قائلا بهدف إسماعى: «يا عم سيبه، ده لو كان فى قسم شرطة ما كانش حيقدر يفتح بقه».

خطورة دلالة هذه الواقعة ليست فى إغلاق بعض مداخل محطة مترو، لكنها فى المفهوم القبيح الذى ما زال مستقرا لدى أفراد الشرطة الذين يظنون أنهم فوق البشر بحيث لا يستطيع المواطن أن يتفوه بأى كلمة قد يكون من سوء حظه ألا تكون غير مستساغة لدى أصحاب القسم، وكأن الشرطة لم تنتبه بعد الحركة الاحتجاجية فى 25 يناير 2011 إلى الرفض الشعبى العارم للممارسات القديمة قبل هذا التاريخ.

بالطبع هناك نماذج مفتخرة من ضباط وأمناء الشرطة، بمن فيهم ضباط المباحث الجنائية والأمن الوطنى، لكنهم قلة للأسف، والمفاهيم الممجوجة الخطأ ما زالت تسيطر نسبة كبيرة فى هذه المؤسسة المهمة. ولأن المفاهيم يجب أن تكون صحيحة ومتزنة فعلينا أن نتذكر أنه بعد ثورة الثالث والعشرين من يوليو وفى إطار مشروع يوليو الوطنى كان شعار الشرطة المصرية «الشرطة فى خدمة الشعب»، ثم تحول فى العهد الساداتى إلى «الشرطة فى خدمة سيادة القانون»، وفى العهد المباركى تحول إلى «الشرطة والشعب فى خدمة الوطن»، والذى يتضح من هذا الارتباك الشرطى تجاه شعارهم هو أنهم استكثروا واستكبروا أن يكونوا فى خدمة الشعب، علما بأن كل العاملين فى مؤسسات الدولة كافة هم فى خدمة الشعب، بدءا من المسؤول الأول رئيس الجمهورية ومن بعده الوزراء ومختلف القيادات الحكومية حتى أصغر موظف.

لقد كانت الشرطة فى انتفاضة 30 يونيو فى وضع شعبى من القبول والاحترام لا مثيل له، لكن للأسف بدأت تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، فقد تسربت إلى عقول الشرطة المفاهيم القديمة البالية، ولا أريد ذكر وقائع مخزية للتدليل على ذلك حتى لا يكون فى الأمر تصيد أو تشهير لجهاز وطنى له فى تاريخ الوطن صفحات ناصعة.



الشرطة بين الأخطاء الصغيرة والأفكار القديمة

موقع بوابة الثانوية العامة متخصص فى التعليم المصرى و كافة المراحل التعليمية الإبتدائية , الإعدادية و الثانوية كذلك الجامعات المصرية و نتائج الامتحانات للشهادات بمحافظات مصر

موقع وظائف جوجل وظائف جوجل,

0 التعليقات

إرسال تعليق