| 0 التعليقات ]

صاحب سيلفى مع الرئيس :المهنة

المهنة: صاحب سيلفى مع الرئيس



أحمد الصاوي
منذ 13 ساعة


http://ift.tt/1D6QdrB
بعدما صار التصوير «السيلفى» طاغيًا، بات من الطبيعى جدًّا أن يتهافت شبان وشابات على التقاط صور مع رئيس الجمهورية، ما تراه على صفحات التواصل أن الشباب صار يلتقط «السيلفى» فى كل وقت ومناسبة ولتوثيق كل لحظة، سواء مع أشخاص أم بمفرده يجرب رداءً جديدًا أو قصة شعر مختلفة، فما بالك واللقطة مع عبد الفتاح السيسى، وهو رئيس صاحب شعبية ما زالت قائمة بنسب معتبرة، أقل قطعًا من بداياتها، وما زال يبث فى مؤيديه طاقة أمل، ويفتح معهم مزيدًا من الأحلام.

هذا طبيعى جدًّا، وأحرّضك عليه، لا تترك فرصة يمكنك فيها التقاط صورة «سيلفى» مع الرئيس وتهدرها، لكن غير الطبيعى أن تعتبر ويعتبر الإعلام هذا الأمر فى حد ذاته إنجازًا يستحق الاحتفاء، وتصبح من بعده هدفًا صحفيًّا، يحاورك الإعلام، لا لرأى محفّز طرحته، ولا لمبادرة ملهمة أطلقتها، ولا لتطوُّر علمى اجتهدت عليه، ولا لفساد كشفته، ولا لكلمة حق قلتها لرئيس محاط بمادحيه قناعة ونفاقًا، وإنما لأنك التقطت «سيلفى مع الرئيس».
يحدث هذا وحدث.. أول من أمس، فقط تصادف أن شاهدت برنامجًا يستضيف فتاة على خلفية صور للرئيس بملابسه الرياضية وسط مجموعة من الشبان قبل أو فى أعقاب لقائه طلاب الكلية الحربية عقب الحادثة الإرهابية باغتيال زملائهم فى كفر الشيخ.
مَن هى هذه الفتاة؟ فجأة يظهر تعريفها مكتوبًا على الشاشة «فلانة.. صاحبة صورة سيلفى مع الرئيس». وما مناسبة وجودها؟
لتتحدّث عن إنجازها الأبرز وتحكى للمشاهدين كيف نجحت فى التقاط صورة سيلفى مع الرئيس، حين اكتشفت مع زملائها «مصادفة»، وخذ بالك من «مصادفة» تلك، وجودهم فى ذات المكان الذى يوجد فيه الرئيس، و«المفاجأة» وخذ بالك من «المفاجأة» تلك، التى استبدّت بهم، حين اكتشفوا أن السيارة التى أمامهم سيارة الرئيس، و«قرارهم» وخذ بالك من «قرارهم» هذا، أن يجروا نحو السيارة و«يقتحموا»، وخذ بالك من «يقتحموا» تلك، موكب الرئيس، الذى لم يمانع من النزول لمصافحتهم والتقاط صور «السيلفى» معهم.
دعك من كل هذه «المصادفات»، وانظر إلى تعريف مواطن بأنه «صاحب صورة سيلفى مع الرئيس» وباعتباره صاحب هذه الصفة يستضيفه الإعلام ويحتفى بتصريحاته، وربما يلجأ مستقبلاً إلى استطلاع آرائه فى القضايا الحيوية، كما فعل مع «شبيه السادات»، فتفاجأ بعناوين على شاكلة: «أصحاب سيلفى مع الرئيس يدينون التفجير الإرهابى»، «أصحاب سيلفى مع الرئيس يرحبون بقانون الانتخابات الجديد، ويؤكدون أهمية البرلمان القادم»، و«أصحاب سيلفى مع الرئيس يدعمون التدخل المصرى فى اليمن، ويؤكدون أهميته للأمن القومى المصرى».
وربما تجد رابطة أو نقابة لهذه الفئة المميزة والمحظوظة من الشعب المصرى، أو تكتشف أن بعضهم طبع لنفسه كروتًا شخصية، لتقديم نفسه «فلان.. صاحب صورة سيلفى مع الرئيس»، مع خلفية مائية للصورة على ظهر الكارت، وقد تجد لوائح إدارية فى مصالح حكومية تشترط لتمرير طلبات المواطنين توقيع «اثنين من الموظفين سبق لهما التقاط سيلفى مع الرئيس».
بعيدًا عن السخرية وبالتوازى مع هذا «السيلفى»، كانت امرأة أخرى لم تلتقط صورة مع الرئيس ولم تلتقيه «مصادفة» توجه إليه رسالة منقولة من زوجها الشهيد الذى أسلم الروح فى الهجوم الإرهابى على قسم شرطة العريش، تقول بنصها: «إن الضباط بلا تأمين، وإن هناك تمييزًا فى الدفع بالضباط والأفراد إلى مناطق الخطر، وإن أصحاب (الواسطة) يُكلفون بخدمات بعيدة عن الخطر»، وتطالب بتحقيقات جدية مع القيادات المسؤولين عن ذلك.
لهذه المرأة صفة واضحة، ومناسبة أوضح لتكون على الشاشة ومع الرئيس، هى «زوجة شهيد» وتستطيع أن تقدّم نفسها هكذا، وأن تطبع كروتًا تعريفية إن أرادت، وفى حلقها شكوى ليست شخصية، لكنها تهم وطنًا بأكمله يخوض حربًا مع الإرهاب، لكن حضورها لا يساوى حضور فتاة «صاحبة سيلفى مع الرئيس».
لماذا يبدو الأمر محاولة مقصودة للابتعاد بالرئيس عن كل نقاش جدى، يمكن أن يسمع فيه كلامًا غير مُجهّز سلفًا أو مُعدًّا بنظرية «المصادفات الرئاسية»، ولماذا صارت «الصورة» أهم من «الرسالة»؟ وصاحب الصورة أهم من صاحب الرسالة؟

صاحب سيلفى مع الرئيس :المهنة
موقع بوابة الثانوية العامة متخصص فى التعليم المصرى و كافة المراحل التعليمية الإبتدائية , الإعدادية و الثانوية كذلك الجامعات المصرية و نتائج الامتحانات للشهادات بمحافظات مصر

موقع وظائف جوجل وظائف جوجل,

0 التعليقات

إرسال تعليق